هروب الفتيات

هروب الفتيات
محمد صادق دياب
ليست المرة الأولى التي أكتب فيها عن هروب الفتيات في السعودية من منازلهن، وأن عدد الهاربات وصل إلى 850 حالة، نسبة كبيرة منهن دون الرابعة عشرة من العمر، فالقضية تحتاج إلى أن تظل دائما في بؤرة الاهتمام والتفهم، وإلى حلول غير تقليدية تتسع رؤيتها لوضع الكثير من الاعتبارات في الحسبان، بدلا من الاكتفاء بالخطاب الوعظي الذي يلقي اللوم على كاهل الفتيات، من دون أن يأخذ في الاعتبار فشل بعض الأسر في خلق بيئات آمنة مستقرة لفتياتها، خاصة في البيوت المتهدمة بالطلاق أو الاستعلاء الذكوري.


إن 850 حالة هروب في مجتمع محافظ داهمته الكثير من المتغيرات الاجتماعية أمر يثير القلق، ويدعو إلى استنهاض وسائل أكثر وعيا لاحتواء هذه المشكلة ومحاصرتها، فليس سهلا أن تتخذ فتاة قرار الهروب من محيطها الأسري إلى المجهول إن لم تتوفر مجموعة من الدوافع القوية التي تقودها لمثل هذه المغامرة، المحفوفة بمخاطر كثيرة، هي ـ في الغالب ـ أكبر وأضخم وأكثر إيلاما من المعاناة داخل بيت الأسرة.


نحن في حاجة إلى النهوض بالوعي الأسري من خلال وسائل عدة منها:

ـ إنشاء قناة تلفزيونية خاصة بالأسرة، تحت إشراف علماء دين، وخبراء في علم النفس والاجتماع والتربية لصياغة برامجها وفق رؤية عصرية جاذبة.


ـ إنشاء رقم هاتفي للإرشاد الأسري يتناوب فيه مختصون من الجنسين، يمكن اللجوء إليهم للاستشارة عند الحاجة.

ـ إنشاء قسم أو أكثر في بعض جامعاتنا لتخريج مختصين في الإرشاد الأسري، ويمكن أن يسهم هؤلاء في خفض حالات الطلاق المتفشية في المجتمع، وقيادة الأسرة إلى مرافئ سعادتها واستقرارها.

ـ فرض دورات توعية إلزامية قصيرة على المقبلين على الزواج، تتضمن إرشادات دينية ونفسية وتربوية تهدف الى خلق أسر سعيدة آمنة للزوجين والأبناء.

ـ التوسع في إنشاء مراكز التثقيف الأسري في المناطق والمحافظات لمساعدة الأسر على التكيف الإيجابي مع المتغيرات التي يمر بها المجتمع.



فهروب الفتيات هو جزء من مسؤولية الأسرة في الدرجة الأولى، ولا سبيل إلى مواجهته إلا بالنهوض بواقع الأسرة بمختلف أبعاده التربوية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.. فالأسرة بالنسبة للمجتمع هي بمثابة القلب إن صلحت صلح المجتمع.

الشرق الاوسط